مقدمة[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ربما نادرٌ في الجزائر من لا يعرف أو لا يسمع بلهجة أهل جيجل (الهدرة تاع الجواجلة)، فهي لهجة خفيفة مسلية، بل مضحكة بالنسبة للبعض، ليس سخرية و لكن طلبا للفكاهة، فإذا التقى أحدهم بشخص من جيجل تتبادر إلى ذهنه مباشرة بعض الكلمات مثل « دِّي خوتي »، « حالكهوة » « بلكل »… حتى أن بعض الفنانين استخدموها في أعمالهم الفنية أمثال المرحوم حاج عبد الرحمان المعروف بالمفتش الطاهر الذي أبدع فيها و أخرج أعمالا سينمائية رائعة رغم أنه ليس من أصول جيجلية. ولهجة سكان جيجل واحدة من اللهجات المحلية الجزائرية الغالبة، و هي تعتتبر لهجة بربرية مُعربة، مُزجت عبر العصور بالكثير من اللهجات و اللغات الأجنبية كالمغربية، الاسبانية، التركية و الفرنسية. تنفرد عن غيرها ببعض الميزات كخلوها من حرف القاف الذي يُعوض بالكاف المفخمة في غالبية الاحيان، كما تتميز بإضافة حرف الحاء في أوائل الكلمات النكرة أي غير المعرفة، كقول مثلا « حالكاس » و الأفضل أن نكتبها « حَلـْكـَاسْ » و معناها كأس. هذا و لها ميزات أخرى بعضها مُكتسب من الاختلاط بالأجانب ، و البعض الآخر بسبب نمط حياة السكان المحليين، بالإضافة إلى ميزات أخرى كثيرة.
تختلف اللهجة الجيجلية الدارجة كما أسلفنا عن لهجات سكان المناطق الأخرى في الجزائر، و تختلف هي في حد ذاتها من منطقة إلى أخرى، خاصة في نغمتها، إذ نجد لهجة سكان مدينة جيجل مثلا تختلف عن لهجة سكان مدينة الطاهير، و هما الإثنتان تختلفان عن لهجة سكان الميلية، و هكذا مع معظم مناطق جيجل، لكن هذا الاختلاف طفيف و لا يشمل الأساسيات العامة للهجة الجيجلية.
نحاول في هذه الدراسة إبراز بعض خصائص هذه اللهجة المحلية مركزين على لهجة سكان الجمعة بني حبيبي و ما يجاورها كسيدي عبد العزيز، الجناح، بني بلعيد، العنصر، بني عيشة، بني فتح و برج الطهر و غيرهم، و نحاول جمع أكبر عدد من الكلمات و الأسماء التي تنفرد بها هذه اللهجة، لأنها و للأسف آيلة للزوال، خاصة في الأعوام الأخيرة، و ذلك بسبب الهجرة و تطور الاتصالات، و كذلك لوجود الكثير من السكان المحليين من يستحون من لهجتهم المحلية فيحاولون التنصل منها قدر المستطاع خاصة أمام الأجانب، و نحن بالمناسبة نذم بشدة هذه العقلية و نعتبرها ضعفا في الشخصية و عدم الثقة بالنفس.
أساسيات اللهجةاللهجة العامية لسكان بني حبيبي كغيرها من لهجات منطقة جيجل عبارة عن لغة عربية في معظمها ممزوجة بما بقي من الأمازيغية و الفرنسية و بعض آثار لغات و لهجات أخرى. ليست لها قواعد ضابطة و لا حروفا خاصة، يكتسبها الفرد من الآخرين شفويا في فترة المخالطة، فتتكون لديه شيئا فشيئا قاعدة أو أساس عقلي يستطيع به أن يحكم على الكلمة عند نطقها إن كانت خاطئة أم صحيحة.
هذه اللهجة طرأت عليها تغيرات كثيرة عبر الزمن، و نحن في دراستنا نحاول أن نركز على فترة القرن العشرين، رغم أنها مازالت متداولة إلى الآن على ذلك المنوال نسبيا.
1- عمومياتأهم ما تتميز به لهجة أهل بني حبيبي على غرار اللهجة الجيجلية العامة، استبدال حرف القاف بالكاف كقول مثلا « كالـِّي وْ كولـَتـْـلو » و معناها « قال لي و قلتُ له »، و تكون هذه الكاف مفخمة في بعض الأحيان على نسق الحرف اللاتيني K كقول « الكربوع » و هي اللفت.
إستبدال حرف الكاف بمزيج بين الحرفين تاء و شين أي « تش » كالذي يُستعمل في أول الكلمة المتداولة « تشــــينة » (برتقال). هذه الخاصية قديمة نوعا ما، و قد زالت حاليا، لكننا سنستعملها على أساس أنها إحدى ميزات هذه اللهجة، و نضرب مثالا لذلك كقول « تشُــول » أي كـُل، « تشِـفاشْ » و معناها كيف، الـْـتشـمَّـارة أي الكمّـارة و توضع على الرأس لتخفيف تأثير الأثقال المحمولة. لكن أحيانا أو بالأحرى نادرا ما تـُنطق الكاف تاءً كـ « الـْتـَسْرة » و هي الكسرة أي خبز الطاجين.
إستبدال حرفي الضاد و الظاء بالطاء، و هذه الخاصية في طريق الزوال، لكن نستعملها كإحدى ميزات اللهجة، كقول مثلا « يَطـْرَبْ » أي يضرب، « نْفـَـطـْـحَـتشْ » و معناها أفضحك، « الطحتش » أي الضحك.
2- الأسماءمعظم أسماء الأشياء الحسية و المعنوية في اللغة الدارجة لسكان بني حبيبي مصدرها عربي، رغم أن نطقها يختلف عن النطق الحقيقي للعربية الفصحى، كأسماء الأشياء الشائعة مثل: الراس (الرأس)، لـَمْرا (المرأة)، الواد (الوادي)، الريحة (الرائحة)، المَرْط (المرض) إلى غير ذلك. كما نجد نسبة كبيرة من الأسماء أصلها أمازيغي، خاصة ما يتعلق بالنمط البدوي و مستلزمات الحياة الريفية كـَ: آزري (طريق صغير)، آشة (مساكن النمل)، آدغس (أول حليب البقرة بعد الولادة)، إيزَكتن (سيقان نوع من النباتات)، آزبوش (نوع من الزيتون)… إضافة إلى ذلك توجد نسبة من أسماء الأشياء مصدرها اللغة الفرنسية خاصة تلك المتعلقة بالأشياء التي عُرفت حديثا، مثل: الكابيني (المرحاض – Cabinet)، السَّيُو (الدلو – Seau)، المانَجْطو (الفاصولياء الخضراء – Mange-tout)…
يُستعمل الألف و اللام لتعريف الأسماء في غالبية الأحيان كالعربية الفصحى تماما مثل « الـْبـِيـدُونْ » و هو الدلو، « الـْيـَفـْش » و هو نوع من النباتات، « الدَّمْ » إلى غير ذلك، و أحيانا يكون التعريف باستخدام لام مشكولة كقول مثلا: لـَـغـْديـر و هو الغدير، « لـُودارة » و هو إناء صغير يُستعمل لشرب اللبن. كما تـُستعمل كثيرا الألف بالهمزة المنصوبة في أول الإسم، و هذه الخاصية ربما تكون موروثة من الأمازيغية كقول مثلا: « أبوكال » و هو إناء لشرب الماء يشبه الإبريق، « أفريخ » و هو العصفور، « أزَزال » و هو دعامة سقف البيت. أما بعض الأسماء الأخرى فلا تـُعرّف بالألف و اللام و لا بالهمزة و لكن تـُُنطق كما هي كـ: « تافلـّـيليس » و هي نوع من الطيور، « بوزلوف » و هو الرأس من الماشية بعد ذبحها.
من الأسماء ما هو مؤنث و منها ما هو مذكر كما في اللغة العربية الفصحى، لكن في هذه اللهجة يغلب التذكير التأنيث في كثير من الحالات، أي جعل بعض الأسماء مذكرة و هي في حقيقتها مؤنثة، كاليد، الرّجل، لودَن (الأذن)، الريح و غير ذلك، لكن الحالة العكسية، أي تأنيث الأسماء، فقد بحثتُ و لم أجد أي مثال لذلك، ما جعلني أخلص إلى نتيجة و هي أن هذا راجع للطبيعة المحافظة لسكان المنطقة و حياؤهم المبالغ، إلى درجة أني سمعت مرة شيخا يحدث زوجته العجوز و يقول لها « نْتَ » أي أنتَ، و هي تقول له « نـْتِ » و أحيانا « نـْتينة » و معناهما أنتِ.
منقول من مدونة
afalaz.wordpress.com